-
والإنفاق الفعلي الذي يتحقق اليوم هو من الدخل الذي يحصل عليه الأفراد بالأمس ومن ثم فإن ادخار اليوم يساوي الفرق بين دخل أمس وإنفاق اليوم ، فإذا زاد الدخل نتيجة لزيادة الاستثمار فإن دخل اليوم يصبح أكبر من دخل الأمس ، غير أن دخل الأمس هو الذي يمكن التصرف فيه اليوم والذي لا يكفي لتمويل الاستثمار فلا مناص من الالتجاء إلى التصرف في المكتنزات أو طلبا للحصول على الائتمان ، كما أن الزيادة في دخل اليوم المترتبة عن الزيادة في الاستثمار لا ينتج عنها زيادة في الإنفاق وفي ادخار اليوم ، كما لا يمكن التصرف فيها اليوم وعلى ذلك فإن الاستثمار اليوم قد زاد عن ادخار اليوم ، ويعتقد ” روبرتسون ” أن هذه الزيادة في الاستثمار عن الادخار قد تستمر لفترة من الزمن طالما أن ارتفاع مستوى الدخل يؤدي إلى ارتفاع الأسعار ومعدلات الأرباح .
المستوى الثاني – لابد أن يتحقق التوازن النقدي وتوازن الدخل في آن واحد للتغلب على عدم الاستقرار الاقتصادي الناشيء عن التأثير المتعاكس لمضاعف الاستثمار ، لقد كانت هذه الفكرة التي أوحت بما هو معروف في التحليل الكلي بالشكل البياني ” هيكس – هانس ” 1 .
Hides Hamser Diagramme : وتقوم فكرة هذا المنحنى على التمييز بين قطاعين رئيسيين داخل النظام الاقتصادي : القطاع النقدي الذي ينطوي على العمليات النقدية المتعلقة بعرض النقود والطلب عليها وسعر الفائدة ، والقطاع الحقيقي الذي ينطوي على العمليات الحقيقية المتعلقة بالادخار وبالاستثمار والدخل ، ومن الواضح أن سعر الفائدة بالغ الأثر في كلا القطاعين .
إذ أنه يتحدد في القطاع النقدي بتفاعل قوي عرض النقود وقوى الطلب على النقود كما أن تقلبات سعر الفائدة في القطاع النقدي تؤثر على مستوى الاستثمار في القطاع الحقيقي ،وبالتالي على العلاقة بين الادخار والاستثمار وتأثيرها على مستوى الدخل ، وبتعادل الاستثمار والادخار (تعادل الطلب الكلي مع العرض الكلي ) يحدد مستوى الدخل القومي في وضع التوازن ، وحتى إذا لم يتحقق التعادل بين الادخار المقصود والاستثمار المقصود ، فتغير الدخل ( حسب كينز ) كفيل بإعادة التوازن بين الادخار المحقق والاستثمار المحقق ، ومن هنا نرى أن سعر الفائدة هو همزة الوصل بين القطاعين النقدي والحقيقي ، وأن تلك العلاقة بين القطاعين من خلال سعر الفائدة هي التي أوحت إلى ” هيكس ‘ و ‘ هانسن ” بادخال منحنى الادخار والاستثمار ((IS في تحليل التوازن في
1- نسبة الى جون هيكس العالم الاقتصادي بجامعة أو كسفورد وألفن هنسن العالم الاقتصادي بجامعة هارفارد .
wwwwwwwwwwwwwwwwwwwwwwwwwwwwwww
زيادة كبيرة أثناء تلك الفترة ، وأن الجزء الأكبر من هذا الدخل كان موجها للاستهلاك على أن الادخار قد ظل نسبة ثابتة تقريبا من الدخل القومي .
كذلك توصل كولين كلارك عند تحليله للإحصاءات البريطانية قبل الحرب العالمية الثانية أنه كلما زاد الدخل يزيد الادخار بنسبة متناقصة …ومعنى ذلك أن الاستهلاك أهم مما كان يعتقد كينز ، بل كثيرا ما يكون أكثر أهمية من الاستثمار .
2 – يأخذ كينز نمط توزيع الدخل القومي السائد والعوامل المؤسسية المحددة له كمعطيات ، أي يأخذ علاقات الإنتاج الرأسمالي كمعطيات ، وبدونها لا يمكن تفسير كيفية توزيع الدخل ، والذي بدونه لا يمكن تفسير لماذا لا يستطيع النظام في مجموعه تحقيق التشغيل الكامل لكل القوى المتاحة بصياغة أخرى لماذا يستحيل أداء النظام دون عدد كبير من العاطلين عن العمل .
3 – يبني كينز تحليله وكأن الاقتصاد الرأسمالي يسوده التنافس في وقت يسيطر فيه الاحتكار على النشاط الاقتصادي في مجموعه ( خاصة النشاط المالي ) ، يفترض كينز أن الزيادة في الطلب النقدي تدفع المشروعات إلى زيادة الإنتاج جريا وراء الربح وبالتالي زيادة العمالة ، وهذا في حالة تنافس المشروعات أما في وجود الاحتكار فقد تؤدي الزيادة في الطلب النقدي على السلع إلى رفع المحتكر لسعر السلعة التي يبيعها دون أن يزيد من الإنتاج ( على الأقل بنفس معدل زيادة الطلب على سلعته ) . وفي هذه الحالة يزيد ربح المحتكر دون أن يزيد الإنتاج ودون زيادة في العمالة ، أضف إلى ذلك أن بقاء الأجور النقدية على حالها مع ارتفاع الأسعار ( أو لا تزيد بنفس معدل زيادة الأسعار ) تؤدي إلى انخفاض الأجور الحقيقية وزيادة نصيب الربح ، ويكاد ذلك هو المظهر العام في ظل جو تسود فيه الاحتكارات .
4- يفترض كينز أن الأثمان والأجور تكون ثابتة في المرحلة التي يتوصل فيها إلى محددات مستوى النشاط الاقتصادي وأوضاع توازنه المختلفة ، هذا الافتراض يتجاهل ضمنيا الطبيعة الاحتكارية للهيكل الاقتصادي ، ومن ثم الطبيعة التضخمية لآداء الاقتصاد الرأسمالي في المدى الطويل ابتداء من بداية القرن العشرين ، كما أن أهداف التحليل الاقتصادي النقدي هو بيان الكيفية التي يتحدد بها المستوى العام للأسعار فكيف نصل الى هذا التحديد إذا افترض كينز مسبقا أن الأسعار بقيت ثابت