اخطار العولمة

مساوئ العولمة وأخطارها

محمد خليفة، “مساوىء العولمة وأخطارها”، نقلا عن موقع: http://www.mohammedkhalifa.com/Archive/article1221.htm

حذّر عالم الاقتصاد الأمريكي جوزيف شتيفلتز الحاصل على جائزة نوبل للاقتصاد من الأثر الضار للعولمة على الخدمات العامة التي تقدَّم للسكان في دول ناهضة بالعالم الثالث . وقال ، إن العولمة تؤدي إلى نقص موارد الحكومات بسبب حرية حركة التبادل التجاري في العالم . وإن نقص مداخيل حكومات دول العالم الثالث من المكوس والضرائب يؤدي إلى نقص الموارد التي يمكن أن تنفقها تلك الحكومات على السكان . ولا شك أن هذا العاِلم الاقتصادي قد أصاب كبد الحقيقة ، ولا شك أن كلامه هذا لا يروق لقوى الاستكبار العالمي التي ينتمي هو إلى سكانها ، والتي تدفع باتجاه انفتاح الأسواق العالمية لا لشيء إلاّ لتركيز السيطرة على المال في العالم في أيديها ، وبالتالي التحكّم بالقرار السياسي العالمي . وهذه القوى هي التي أوجدت العولمة من خلال إنشاء تلك المنظومة الإلكترونية الخاضعة لسيطرتها ، ومن خلال تلك الشركات العملاقة التي تحمل جنسيتها والتي تسعى إلى إلتهام خيرات العالم كافة . وقد ساعد تلك القوى في نشر العولمة عدم وجود قوة كبرى تقف في وجهها . فبعد سقوط الاتحاد السوفيتي السابق ودول المعسكر الشيوعي 1991 ، أصبح في العالم قوة واحدة هي الولايات المتحدة ودول المعسكر الرأسمالي ، وأصبح المشروع الرأسمالي العالمي هو المشروع الوحيد الذي ينبغي على جميع الدول السير في ظلّه . وعلى الفور خلعت روسيا ودول أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى جلدها الشيوعي واتجهت إلى اقتصاد السوق ، فتم بيع آلاف المؤسسات العامة في هذه الدول للشركات العابرة التي ظهرت ، فجأة ، كمنقذ لها من الإفلاس . وقد ساهمت عمليات البيع هذه في رفد اقتصادها بدخول كبيرة . لكن ما لبثت هذه الدول أن لمست العكس ولاسيما بعد أن أصبح ريع ومداخيل مؤسساتها الأساسية يصبّ في جيوب أناس لا يحملون جنسيتها . ومن هنا كانت تلك الحركة الارتدادية التي قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتي بمقتضاها تمت مطاردة عدد من الرأسماليين الدوليين وإلغاء استثماراتهم في روسيا كما حدث للمستثمر اليهودي بوريس بيريزوفسكي الذي اشترى وسائل الإعلام في روسيا والذي تمت ملاحقته من قبل القضاء الروسي بتهم كثيرة ومتنوعة . وكان الهدف هو إعادة وسائل الإعلام إلى دائرة الحكومة الروسية ، وأيضاً ما حدث للمستثمر اليهودي ميخائيل خودورفسكي الذي اشترى شركة النفط الروسية لصالح المموّلين الدوليين اليهود الموجودين في الولايات المتحدة ، ومن ثم سُجِنَ بتهمة التهرّب من الضرائب ، ووضعت الحكومة يدها على شركة النفط . واستطاعت روسيا بهذه الحركة التصحيحية أن تقف على رجليها من جديد وأن تتجنّب الارتهان لمصلحة المموّلين الدوليين . لكن إذا كانت روسيا قادرة على وضع حدّ للشركات العابرة للقارات ، فإن الدول الصغيرة في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى كانت عاجزة عن فعل شيء مماثل . وقد أصبحت هذه الدول بيد الولايات المتحدة وكثير منها في أوروبا الشرقية انضمّ إلى الحلف الأطلسي وإلى الاتحاد الأوروبي لكي يخلص من همِّ بناء الاقتصاد ، حيث تولّت الشركات الأمريكية والأوروبية عملية البناء وفق مصالحها الخاصة. ولم تكن دول العالم الثالث بمنأى عن تلك الشركات التي أفلتت من عقالها ووجدت أن الفرصة الآن مؤاتية لها للتغلغل في كل مكان في العالم . ودفعت هذه الشركات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ليقوما بدور المروّج للخصخصة في دول العالم وقد التزمت الكثير من دول العالم الثالث بنصائح وإرشادات هاتين المؤسستين الماليتين الدوليتين . وأقدمت على بيع مؤسساتها ومنشآتها العامة بذريعة أن هذا البيع مفيد ويوفّر لها دخولاً كبيرة تستطيع أن تموّل بها عملية التنمية فيها . وقد فقدت هذه الدول من جراء عمليات الخصخصة الواسعة فيها دخولاً كبيرة وحقيقية ، مما أدى إلى افتقارها وجعلها عاجزة عن الاستمرار في مسيرتها . والواقع أنه من الخطأ ذمّ الخصخصة بالمطلق ، لأن للقطاع الخاص دوراً قد يلعبه في الدول المختلفة لرفد اقتصادها الوطني بروافد مهمة . لكن لا يجوز أن يصبح هذا القطاع هو المحور الذي تدور عليه عجلة التنمية . فليس أجمل من الوسطية في كل شيء ، وحتى في الاقتصاد ، فشيء من القطاع العام وشيء من القطاع الخاص ، بحيث تبقى المؤسسات المهمة بيد الدولة ، ويكون في أيدي القطاع الخاص أنشطة الخدمات وخاصة التجارية منها . وبالتالي ، يحدث التوازن المطلوب في اقتصاد الدولة فتنطلق بذلك نحو التنمية الحقيقية . وربما هناك الكثير من الدول تعارض الانفتاح الاقتصادي الكامل ، لكنها تخشى التصريح بهذه المعارضة خوفاً من العصا الأمريكية المرفوعة فوق رؤوسها . فالولايات المتحدة التي ترعى العولمة لن تتسامح أبداً مع أية دولة ترفض إملاءات البنك والصندوق الدوليين ، وترفض فتح أسواقها أمام الشركات العابرة للقارات . ومثل هذه الدولة قد تصبح إما على “محور الشرّ” الأمريكي ، أو قد يضيَّق الخناق عليها من خلال الأخطبوط المالي العالمي الذي تتحكم فيه اليد الأمريكية . فإما أن تخضع الدول وتقبل بالعولمة ، وإما أن تنتظر حتفها تحت سنابك الدبابات الأمريكية والحليفة .

العولمــــــة Globaliazation

رؤى تحليليــــة نقديــــة

عبد الأمير شمخي الشلاه.

نقلا عن موقع:  http://www.althakafaaljadeda.com/312/shamki.htm

العولمة نقيض التنمية

*ان أهداف(العولمة) لايمكن ان تؤدي الى تحقيق التنمية المنشودة بالمفهوم الحقيقي للتنمية، بل فاقمت مشاكل الدول النامية، وادَّت الى افقارها ونمو مديونيتها الخارجية وافقار مواطنيها لحساب فئة محدودة ارتبطت بالأنفتاح الاقتصادي، كما ادت الى القضاء على صناعتها الناشئة واستنزاف مواردها وسيرورتها سوقاً تابعة.

*ان العولمة هي اقتصاد الوهم القائم على دعوى ان التنمية يمكن ان تشتري او تتقايض بالاستثمارات الاجنبية، او تتم(بالانابة) عبر الشركات متعددة الجنسية التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بنهج العولمة، وتعتمد على تطور تلك الشركات ونمو نشاطاتها الاقتصادية الدولية في ظل التطورات التقنية الهائلة بمساعدة بيئة دولية مؤاتية نتيجة التطورات الدراماتيكية خلال عقد التسعينات من القرن العشرين.

*وفي كل الاحوال فأن اقتصادات البلدان المرتبطة بالعولمة ابتعدت عن(تصنيع) التنمية الى(شراء) التنمية او جعلها تتم(بالانابة) كما في دول مايسمى بالنمور الاسيوية التي سيأتي الحديث عنها لاحقاً وهذا ما تعكسه المشاريع الكونية والاقليمية.

والعولمة بهذا المعنى تقدم نوعاً من التنمية ذات الارتباطات العالمية، هذا النوع من التنمية لاعلاقة له باهداف التنمية الوطنية، ولا علاقة له بتصحيح هياكل الانتاج الوطنية، أنما علاقة ديناميكية بالاقتصاد العالمي ومصالح مراكز المنظومة الرأسمالية فيه وفي ادارته.

*ان الانصياع لهذا التوجه الخطير يؤدي بالضرورة الى قبول الاقتصادات النامية مبدأ التبعية الواعية المذلَة، والتنازل الطوعي تدريجياً عن مقومات السيادة الوطنية لصالح مبدأ  السيادة الاقتصادية العالمية.

وتبعاً لذلك يتم نقل بعض مقومات السيادة الاقتصادية من سلطة الدولة الى سلطة القرار الاقتصادي المعولم، وكذلك اخضاع الامن الاقتصادي لكل دولة للامن الاقتصادي بين الدول بمعنى وجوب عدم تعارض الامن الاقتصادي داخل الدولة مع الامن الاقتصادي بين الدول.

*ففي اطار المشروع  الصهيوني المسمى(بالشرق اوسطية) ينبغي ان يخضع الامن الاقتصادي لكل دولة للامن الاقتصادي( الشرق اوسطي) وأخضاع الاخير للامن الاقتصادي العالمي، انها حقاً شبكة عنكبوت!!

والعولمة بذلك تسعى فيما تسعى اليه، الى دفع دول العالم العربي الى التنازل عن الاعتبارات السياسية لصالح تسويات سياسية اقليمية، والتزامات اقتصادية تفرض عليها بأنضمامها الى التكتلات الاقتصادية الاقليمية(الشرق اوسطية) والتي تضم اسرائيل.

*وهكذا يمكننا ايجاز مفهوم(التنمية) في ظل متطلبات(العولمة) وسياستها التي تتركز على:

تحرير الاقتصاد، والانفتاح الاقتصادي، واعتماد اليات السوق، وتحجيم دور الدولة والقطاع العام- تمهيداً لالغائه مستقبلاً- وزيادة الضرائب ورفع الدعم الحكومي وزيادة الاسعار، وحرية الاستيراد والتصدير، والاستثمارات الاجنبية.

ترى ماذا تبقى للتنمية الوطنية والارادة الوطنية والسيادة الوطنية؟!!

*في ضوء ماتقدم لابد من تلمس الطريق الصحيح للسير في نهج تنموي رائد يتطلب من مصممي السياسة الاقتصادية في الدولة الوطنية فهماً حقيقياً افضل لآلية التكامل الاقتصادي الدولي والانتباه الى مخاطر تدويل الحياة الاقتصادية لغرض تحقيق افضل فائدة ممكنة من وجهة نظر تنموية، مع التأكيد على تغليب الاعتبارت الوطنية والقومية التقدمية على الاعتبارات الخارجية الاجنبية في كل الظروف وكذلك اعتبار العوامل الروحية والاخلاقية لتوفير امكانيات تحقيق انسجام وترابط النسيج الاجتماعي الذي تتأطر فيه عملية التنمية.

* وفي المقدمة يحتاج تحقيق التنمية المنشودة الى افتراض وجود قيادة وطنية مبدعة متعلمة ومعلَّمة، ذات توجهات تقدمية على رأس الدولة كي تقود، وفق استراتيجيتها الخاصة، بحيث لا تتبع القوى الخارجية ولا تسمح لها بالسيطرة على اسواق البلاد.

والدولة بهذا المعنى تخدم المجتمع وتقوده وتطوره وتعمل على دعم الطبقات الاجتماعية، وبهذا سيكون الاقتصاد موجهاً وتقدمياً، ومن الطبيعي ان هذا التوازن في البلدان”الطرفية” غير موجود حيث تسعى سياسة التبعية الاقتصادية الى تفكيك هياكل هذا البلدان بالكامل.

*ان العولمة حتى وان ظهرت في صورة براقة او مفتوحة، فهي شاكلة جديدة للنهب والتسلط، وهكذا يمكن التأكيد على ان التنمية الحقيقة تعتبر احد اهم وسائل الرد على العولمة، ولاتتم بالانابة ولا تشترى، انما هي عملية خلق موضوعية تتم بالاصالة.ومن البيئة الاقتصادية نفسها.

*وتسعى التنمية” لتحقيق زيادات كبيرة في معدلات النمو والاستثمار والادخار ومضاعفة تنويع الصادرات مرات عدة وبشكل مطرد، والرفع التراكمي للانتاج الصناعي والتحكم بالاستثمارات وبالرساميل الاجنبية وبتوجيهاتها.. الخ” كما يقول الدكتور صادق جلال العظم في كتاب(ما العولمة).

ويقترح ايضاً لتحقيق ذلك”انجاز بناء قاعدة انتاجية صناعية ثابتة وديناميكية” و”تحقيق مستوى جيد ومعقول من التقدم العلمي، والبحثي، والتطويري والتقني” و”تخفيف علاقات التبعية التقليدية وحيدة الجانب(للمركز) الى اقصى حد ممكن”.

ترى اين نحن من كل هذا؟!!

من افرازات العولمة

المسببات الأساسية لتصاعد مديونية بلدان العالم الثالث

*ان الدول الصناعية التي استعمرت هذه البلدان، واستغلت مواردها بالاحتلال العسكري المباشر ردحاً طويلاً من الزمن، وتحول هذا الاستغلال الى صور اخرى اخذت صيغاً اخرى

*منها المديونية، وأحتكار التكنولوجيا، والهيمنة الاقتصادية وخاصة ما بعد الحرب العالمية الثانية وحتى يومنا هذا حيث تطورت وسائل الاستغلال وازدادت اتساعاً وحدّةَ في ظل العولمة.

ماذا يمكننا ان نسمي ذلك؟ سوى القول بأن النظام الدولي القديم والجديد يتبنى عمليات النهب والابتزاز وتقسيم مناطق النفوذ في العالم، والرعاية والانتداب وممارسة القهر والاستلاب بكل انواعها واشكالها.

*كل هذا حصل في اطار تقسيم العالم على اسس نفعية الى عالمين، عالم جنوب مَدين ومُجَهَِّز للمواد الاولية ومُستَغَلْ/ وعالم الشمال/ متقدم، دائنْ، منتِجْ للسلعْ ومُستغِلْ للغير.

ويسعى العالم الدائن القوي المسيطر بمختلف الوسائل الى جعل البلدان النامية تابعة له، ومسلوبة الارادة سواء ذلك بقعقعة السلاح او بالتبعية الاقتصادية والسياسية، ونتيجة واقعية ومنطقية لهذا التقسيم الجائر ازدادت بصورة كبيرة- خاصة منذ بداية عقد التسعينات- ازدادت مديونية دول الجنوب التي تضم ايضاً دول العالم الثالث.. والديون هذه في تصاعد مستمر.

*وكمثال على هذا الواقع الشاذ، نعرض هذه المجموعة الاحصائية عن مديونية العالم الثالث، علماً ان هذه الاحصائيات هي مجرد ارقام متحركة تعكس الواقع المعاش ضمن فترة زمنية محددة، وهي تشكل انموذجاً ليس الا، وبالتأكيد صدرت احصائيات حديثة ارتفعت فيها الديون بشكل غير مسبوق.

الاحصائيات هذه من عام 1997، ذكرها الدكتور سعود العامري في 1998 في صحيفة القادسية.

*مجموع مديونية العالم الثالث بلغت عام(1991)(1250.4) مليار دولار موزعة كما يلي:

1-امريكا اللاتينية/ تحتل مركز الصدارة في المديونية(682.2) مليار دولار اي ما يعادل 38.7 % من اجمالي الدين الخارجي للدول النامية.

2-الدول الاسيوية تحتل المرتبة الثانية من حيث المديونية(32.9%) من اجمالي الديون الخارجية.

3- الديون الافريقية/ حجم ديونها الخارجية(283.6) مليار دولار اي ما يعادل (16.1%) من اجمالي الخارجي.

4-دول المشرق العربي ومحيطه الاقليمي واوربا(217) مليار دولار اي ما يعادل (12.32 %) من اجمالي الدين العام الخارجي للدول النامية.

*وتسود العالم حالياً مطالبة واسعة بضرورة معالجة الازمة الناشئة عن ارتفاع المديونية كاعادة جدولتها، واسقاطها عن الدول التي لاتستطيع تسديد تلك الديون.