ادوات العولمة

وثيقة مدعومة من قبل URFIG

خاصة بالعولمة

عولمة ماذا ؟ كيف ؟ لمن ؟

الدكتور جوزف عبدالله

والشبكة الكيبكية لاندماج القارة (الأميركية)

Réseau Québécois sur l’Intégration Continentale (RQIC)

التهميش: جوزف عبدالله، “عولمة ماذا؟ كيف؟ لمن”، وثيقة مدعومة من قبل URFIG، منشورة على موقع: http://www.urfig.org/sout-ar-glob-abdallah-rqic-gd.htm

مقدمات

– في تعريف العولمة

– ما هي النيوليبرالية ؟

أولاً : قوى العولمة

-الشركات المتعددة الجنسية

-المؤسسات الاقتصادية العالمية

-الحكومات

-الحركات الاجتماعية

ثانياً: أدوات العولمة

   -اتفاقيات التبادل الحر

   -المناطق الحرة

   – برامج إعادة الهيكلة

ثالثاً: نتائج عولمة الأسواق

رابعاً: مقاومة عولمة الأسواق

ملحق: منتدى دافوس

تمهيد

الشبكة الكيبكية لاندماج القارة (الأميركية): نشأت الشبكة الكيبكية لاندماج القارة (الأميركية) Réseau Québécois sur l’Intégration Continentale RQIC منذ العام 1994. قامت بتطوير صلاتها ومبادلاتها مع شبكات مشابهة في كندا والمكسيك والولايات المتحدة الأميركية، أولاً، ثم وسعت صلاتها، منذ فترة قريبة، مع شبكات في البرازيل وتشيلي والبيرو وأميركا الوسطى. تضم الشبكة منظمات نقابية وشعبية، مهتمة بالتعاون العالمي وبالقضايا المحلية والبيئية، ومجموعات للأبحاث. ولقد نشأت، منذ بضع سنوات، تكتلات في القارة (الأميركية) لنقد المقاربة التجارية لاندماج البلدان الأميركية. تقترح هذه التكتلات رؤية بديلة لتنمية البلدان الأميركية، قائمة على وضع قوانين للحقوق الاجتماعية وحقوق العمال وحقوق الانسان، وعلى الديمقراطية والمشاركة، وحماية البيئة، وكذلك إزالة الفقر.

إن لرجال الأعمال الأميركيين، منذ البداية، منتداهم: منتدى رجال الأعمال في أميركا. فعلى المنظمات الاجتماعية والمدنية، من كل الأنواع، نقابية وشعبية ومحلية، أن تؤسس منتداها الاجتماعي والشعبي، على مستوى القارة الأميركية.

برنامج الشبكة: تضم الموضوعات الأساسية لبرنامج الشبكة العناصر التالية:

–        الدقرطة: تشجيع المشاركة الديمقراطية لمنظماتنا ومواطنات ومواطني كيبك في النقاشات حول اندماج القارة (الأميركية)، وحول اتفاقيات التبادل الحر.

–                  إعادة المفاوضات: تشجيع إعادة المفاوضات حول اتفاقية التبادل الحر في بلدان أميركا الشمالية ALENA لإقرار إجراءات ملائمة لنمو المجتمعات: اجتماعياً وثقافياً وديمقراطياً وبيئياً. كما يجب إدراج إجراءات تعويضية لصالح المكسيك، لترسيخ العدالة والديمقراطية، وكذلك لصالح البلدان الأقل تطوراً بشكل عام.

–                  المنتدى الاجتماعي لأميركا: التعاون مع الشبكات والمنظمات في القارة (الأميركية) لإقامة هذا المنتدى والمشاركة في نشاطه، لمواجهة السياسات النيوليبرالية، وليكون قادراً على تحقيق الطموحات الاجتماعية والثقافية والبيئية والديمقراطية.

–                  تضامن القارة (الأميركية): تشجيع الصلات وتبادل النشاط بين المنظمات الاجتماعية الكيبكية ومنظمات باقي البلدان الأميركية.

نشاط الشبكة المزدوج: يتجه نشاط الشبكة وجهتين. الأولى دولية، وهدفها توسيع التضامن على مستوى كل البلدان الأميركية. والثانية داخلية، هدفها تشجيع التدريب والإعداد لفهم الأبعاد الاجتماعية لاندماج الأسواق. وفي سياق هذه الوجهة الثانية يندرج هذا الدليل.

 مقدمات

في التعريف: عبارة “العولمة” هي الكلمة العربية الأكثر رواجاً من بين عدة عبارات غرضها الإشارة إلى ظاهرة توحيد العالم.

هدف هذه المقالة تسهيل فهم العولمة. لا شك بأن العولمة عملية معقدة وشاملة تنطوي على مجموعة متشابكة من العناصر المتنوعة، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفكرية. هذه العناصر المتنوعة تتحرك وتؤثر في تحقيق عملية العولمة، بطريقة متزامنة تقريباً. قد يبرز أحياناً واحد من هذه العناصر، ولكن بروزه هذا لا يلغي فعل العناصر الأخرى التي تكون حركتها ضمنية، وغير مرئية.

وإذا كانت العولمة كما تحصل حالياً، وتنتشر حولنا وفينا وفي كل مكان من العالم تقريباً، تمليها بشكل أساسي متطلبات ناشئة في ميدان الاقتصاد العالمي، فذلك لأن هذه العولمة إنما تديرها قوى اقتصادية تخطط لتحقيق ستراتيجياتها الاقتصادية الخاصة بها. وهذه الستراتيجيات نفسها تعتمدها سلطات سياسية ومنظمات متنوعة فتـقرها وتشرعها في مجال عملها. كما أن إقرار هذه الستراتيجيات من قبل السلطات السياسية إنما يعني مشاركة القوى الاجتماعية التي تعبر عنها هذه السلطات السياسية في صنع عملية العولمة، مع ما ينطوي عليه ذلك من انعكاس لهذه العولمة على باقي الفئات الاجتماعية. ولا تحصل هذه العولمة بمعزل عن انتاج فكري لتبريرها. فمنذ عقدين من الزمن تقريباً ظهرت الأفكار الأساسية التي تدعم وتبرر العولمة، وهي الأفكار التي عُرفت باسم ايديولوجيا ال”نيوليبرالية” (Néolibéralisme): الليبرالية الجديدة.

ما هي النيوليبرالية؟

تعود النيوليبرالية في أصلها، كما يشير اسمها (ليبرالية جديدة) إلى الليبرالية. والليبرالية هي ايديولوجيا (وتيار فكري اقتصادي – سياسي) لعب الدور الأساسي في ظهور وتطور الرأسمالية، كنظام اقتصادي واجتماعي وسياسي. والفكرة المركزية في الليبرالية تعتبر أن من شأن السوق، لوحدها فقط، وبدون تدخل أي جهة كائناً ما كانت، أن تؤمن توزيع الثروات والخدمات، وتوفير الاستثمار والتنمية. وعليه فحرية السوق هي ضمانة التقدم والتطور. وتم التعبير عن هذه الحرية بشعار “دعه يعمل، دعه يمر”. وهذه الحرية الضامنة للتقدم يقوم جوهرها على قدرتها على ضبط التوازن بين العرض والطلب. وإذا لم تتوفر هذه الحرية للسوق فلا يمكن بلوغ التوزيع الأفضل للمداخيل بين عناصر الانتاج، أي بين العمل والرأسمال، وفق حرية العرض والطلب.

ولكن تاريخ تطور الشعوب أثبت أن الليبرالية لم تكن الحل الأفضل لتطور المجتمعات. فالمآسي الهائلة التي أصابت البشرية، حتى في أكثر المجتمعات اعتماداً على الليبرالية، دفعت، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، بالحكومات الأكثر اعتماداً على الاقتصاد الليبرالي وبكبرى المنظمات الدولية إلى مراكمة تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي وتقييد حرية حركة السوق. وبدل حرية “السوق” و”العرض والطلب” صارت الحكومات تتدخل، باضطراد، في ضبط العمليات الاقتصادية: تحديد مدة يوم العمل (عدد ساعات العمل في اليوم)، تحديد الأجر، الضمان الصحي، الفرص، حق التنظيم النقابي، التظاهر…، جملة واسعة من الإجراءات التي فرضتها الحكومات في تنظيم النشاط الاقتصادي، وتقييد حرية السوق. بالطبع لم يكن ذلك ليحصل لولا نضال الطبقات والفئات الاجتماعية التي انعكست عليها حرية السوق الليبرالية أضراراً وويلات اجتماعية فادحة.

وبعد حوالي نصف قرن من تدخل الحكومات في حركة السوق قامت الشركات الاقتصادية الكبرى تعضدها بعض الحكومات بإعادة النظر بستراتيجيات التدخل الحكومي، وعمدت إلى توحيد صفوفها وتوسيعها من أجل العمل على إلغاء سياسات التدخل الحكومي التي تعدل من حدة سيطرة السوق على حياة المجتمعات. وكانت بريطانيا، في ظل حكومة المحافظين برئاسة تاتشر (في العام 1979)، ومن ثم الولايات المتحدة الأميركية (1980)، مع وصول ريغان إلى سدة الرئاسة، أول من اعتمدا ستراتيجيا النيوليبرالية.

ثلاثة محاور متكاملة اعتمدتها النيوليبرالية

تحرير أسعار جميع السلع (منتوجات وخدمات) التي كانت تحددت سابقاً انطلاقاً من معايير سياسية أو اجتماعية، وذلك بقررات سياسية اتخذتها الحكومات بعد نضالات اجتماعية وسياسية متعددة. بيد أن النيوليبرالية تعمل على خط تحرير هذه الأسعار من أي ضوابط خارجة عن حرية السوق ومعادلة العرض والطلب. وتنادي النيوليبرالية بأن يشمل تحرير الأسعار الخدمات العامة كالتعليم والصحة والنقل، وكذلك بعض الخدمات التي تقدمها الدولة (جزئياً أو كلياً)، أو السلع التي تدعم الدولة أسعارها…

 الخصخصة: وهي عملية نقل ملكية مؤسسات إنتاج (أو ترويج) بعض السلع والخدمات من القطاع العام إلى القطاع الخاص. وكثيراً ما يستلزم الأمر القيام بتعديلات دستورية لإلغاء ملكية المجتمع، تلك الملكية العامة المنصوص عليها في الدستور (الثروات الجوفية، الأملاك العامة والمشاعية).

إعادة النظر بدور الدولة: ويكون ذلك، من جهة أولى، بإلغاء دورها في المهام الاجتماعية والاقتصادية التي تقوم بها الحكومات. وذلك عن طريق تخفيض وإلغاء السياسات والبرامج الاجتماعية، أي تلك الإجراءات الآيلة إلى تخفيض وإلغاء ما تقدمه الدولة والمؤسسات الإنتاجية من مساعدات وإعانات للمواطنين في ما يعرف باسم الحماية الاجتماعية. ويكون ذلك بتفكيك وتعديل وإزالة المؤسسات أو القوانين التي تقوم بدور تنظيم شروط العمل (معايير العمل، الحد الأدنى للأجور، مدة العمل…) أو تقوم بتنظيم ومراقبة إجازات الإستثمار وشروطه، وحماية الثروات العامة والبيئة… ومن جهة ثانية، تعتبر النيوليبرالية أن توسيع الأسواق وجعلها ميداناً عالمياً متحرراً من القيود القومية وحدود الدول يستلزم إعادة النظر بدور الدولة أيضاً. وبالتالي يجب التحرر من كل السياسات التي تعيق حرية توسيع الأسواق وتطويرها، وذلك يكون بسلسلة من الإجراءات ليس أقلها إلغاء الحواجز الجمركية واعتماد سياسات الأجواء المفتوحة… ولكن النيوليبرالية تبقي على عاتق الحكومات ضرورة التدخل في ميدان محدد هو ميدان المشاريع المتعلقة بتأمين البنية التحتية اللازمة لتطوير حركة السوق: الطرق والمرافئ والمطارات، أبحاث التنمية…، مما يعني المحافظة على دور الدولة في خدمة حركة السوق الرأسمالية العالمية.