البنك المركزي

البنك المركزي والسياسة النقدية :

طبيعة البنك المركزي :

يمثل البنك المركزي لأي دولة في مؤسسة وحيدة ، فلكل اقتصاد قومي مؤسسة مركزية مصرفية واحدة تقوم بالإشراف على الائتمان وإصدار النقود ، ويقوم البنك المركزي بتحويل الأصول الحقيقية إلى أصول نقدية ، فيتولى عملية إصدار النقود القانونية ، التي تتمتع بالقدرة النهائية والإجبارية على الوفاء بالالتزامات .

ولخطورة الوظائف التي يقوم بها البنك المركزي ، فهو مؤسسة عامة أي مملوكه للدولة وخاضعة لإشرافها ـ وتختلف أهداف البنك المركزي عن أهداف بقية أنواع البنوك الأخرى ، من حيث أنه لا يعتبر هدفه الرئيسي هو تحقيق أقصى ربح ، وذلك لأن البنك المركزي يسعى إلى تحقيق أهداف يغلب عليها الطابع القومي والمصلحة العامة .

الوظائف الأساسية للبنك المركزي :

يهدف البنك المركزي في المقام الأول إلى تدعيم النظام النقدي للدولة والإشراف على الأوجه المختلفة للنشاط المصرفي ، وفي سبيل ذلك فهو يقوم بمجموعة من الوظائف الأساسية سنتناولها بشيء من التفصيل على النحو التالي :

أولاً : إصدار أوراق البنكنوت :

يعتبر البنك المركزي محتكراً لعملية إصدار أوراق البنكنوت ، وتمثل هذه العملية الوظيفة الرئيسية للبنك المركزي ، ولذا سمي ببنك الإصدار ، وتقوم عملية الإصدار عن طريق تحويل البنك المركزي لأصول ( أو حقوق له لدى الغير ) إلى أوراق بنكنوت ، وهذه الأوراق المصدرة تمثل التزامات على البنك المركزي قبل الأفراد والمؤسسات الحائزة لهذه الوحدات النقدية المصدرة .

وكان إنفراد البنك المركزي بهذا الامتياز من العوامل الرئيسية التي ميزته عن البنوك التجارية العادية ، وزادت من مكانته عندما أصبحت أوراق البنكنوت المصدرة عملة قانونية لها قوة إبراء غير محدودة ، وعندما استخدمتها البنوك كاحتياطي مقابل الودائع ، ومن أهم المزايا المترتبة على تركيز وظيفة الإصدار في بنك مركزي واحد ما يلي :

  • زيادة ثقة الجمهور المتعاملين في أوراق النقد المصدرة .

  • تمكين البنك المركزي من التأثير في حجم الائتمان عن طريق التأثير في حجم الاحتياطيات النقدية التي تحتفظ بها البنوك التجارية مقابل الودائع .

  • تقديم ضمان أكبر ضد الإنفراد في إصدار أوراق النقد الذي قد ينتج عن تعدد بنوك الإصدار.

علماً أنه إذا كان إصدار أوراق البنكنوت هو من اختصاص البنك المركزي وحده ، فإن الدولة عادة ما تضع عدة قيود على نشاطه في هذا الخصوص ، بحيث تضمن عدم الإسراف في الكميات المصدرة بما يهدد باختلال التوازن الداخلي والخارجي .

وتختلف هذه القيود باختلاف نظم الإصدار ، ومن أهم نظم إصدار النقود ما يلي :

  • نظام الغطاء الذهبي الكامل :

وطبقاً له يتم إصدار قدر معين من النقود وتغطى بالكامل بالذهب ، وهذا النظام عديم المرونة حيث لا يمكن زيادة كمية النقود المصدرة إلا بزيادة الغطاء الذهبي .

  • نظام الإصدار الجزئي الوثيق :

وطبقاً له يتم تغطية قدر معين من الإصدار بسندات حكومية وكل ما تجاوز ذلك القدر يغطى بالذهب .

  • نظام الغطاء الذهبي النسبي :

وطبقاً له يتم تغطية أوراق النقد المصدرة بذهب يمثل نسبة من قيمتها ويغطى الباقي بعناصر أخرى مثل السندات والأذون الحكومية والكمبيالات التجارية .

ويكمن جمود هذا النظام في حدود نسبة الذهب المقررة ، حيث قد يعجز البنك المركزي عن تلبية احتياجات سوق النقد من أوراق البنكنوت إذا عجز عن توفير النسبة المطلوبة من الذهب .

  • نظام الحد الأقصى للإصدار :

وفقاً له يتم وضع حد أقصى لما يمكن للبنك المركزي أن يصدره من أوراق البنكنوت دون أي التزام بالاحتفاظ برصيد من الذهب ، وبطبيعة الحال فإن الحد الأقصى يكون قابلاً للتغير حسب الظروف .

  • نظام الإصدار الحر:

وفقاً له يتم خضوع حجم الإصدار إلى تقدير السلطات النقدية ، واضطرت بعض الدول تحت ضغط الظروف إلى عدم النص في قانون الإصدار على حد أقصى لما يمكن للبنك المركزي أن يصدره من أوراق بنكنوت ، وترك أمر تغيير حجم الإصدار كلية إلى تقدير السلطات النقدية .

وأخيراً إن الغطاء في معظم التشريعات الحديثة أصبح متنوع العناصر ، فقد يوجد إلى جانب الذهب العملات الأجنبية ، وأذون الخزانة وصكوك الحكومة وما شابه ذلك، في حين تشكل كمية أوراق البنكنوت المصدرة خصوم البنك المركزي ، فإن عناصر الغطاء تشكل أصوله ، ومن الضروري تعادل مجموع الأصول مع مجموع الخصوم .

ثانياً : القيام بدور بنك الحكومة ومستشارها المالي ووكيلها :

يقوم البنك المركزي بالاحتفاظ بالأرصدة النقدية للحكومة ، بتحصيل إيراداتها وصرف نفقاتها . كما ويحتفظ بحسابات المصالح والمؤسسات الحكومية ، فالحكومة تضع أموالها فيه ، ولهذا أهمية كبيرة في النظام بصفة عامة لأن ذلك يؤدي إلى نتائج تختلف تماماً عن تلك التي تترتب على احتفاظ الحكومة بحساباتها في البنوك التجارية .

ويقوم بوصفه وكيل بإصدار القروض العامة وبيع السندات الحكومية وأذون الخزانة نيابة عنها ، والإشراف على عملية الاكتتاب ، ويتعدى ذلك إلى تنظيم استهلاك وسداد الكوبونات ، وعموماً يتولى البنك كل ما يتعلق بإصدار ودفع فوائد وسداد قيمة القروض نيابة عن الحكومة .

هذا ويمثل مستشاراً للحكومة في الشئون المالية والنقدية فيمد الحكومة بالمعلومات والنصائح اللازمة لاتخاذ القرارات والسياسات الاقتصادية .

ثالثاً : توفير السيولة اللازمة للبنوك التجارية عند الضرورة :

يقوم البنك المركزي بدور البنك بالنسبة للبنوك الأخرى ، فيحتفظ بالأرصدة النقدية للبنوك التجارية ، وذلك بالإضافة إلى أنه يقوم بدور المقرض الأخير بالنسبة لهذه البنوك عن طريق تقديم القروض ( بضمانات معينة ) أو عن طريق إعادة خصم بض الأوراق التجارية والمالية .

وبطبيعة الحال يستطيع البنك المركزي أن يفرض- عند الإقراض أو إعادة الخصم-  أسعار الفائدة التي تتراءى له حتى يحول دون التجاء البنوك التجارية لهذا الأسلوب بصفة متكررة بما لا يتفق مع الصالح العام .

رابعاً : القيام بعمليات المقاصة بين البنوك التجارية :

تحتفظ البنوك التجارية بجزء من احتياطياتها النقدية على هيئة ودائع لدى البنك المركزي ، وهذه الودائع تمكن البنك المركزي من تسوية المديونيات المتبادلة بين البنوك التجارية – نتيجة إيداع العملاء في بنوكهم