النقود والائتمان

خلق النقود والائتمان :

تنفرد البنوك التجارية عن غيرها من المؤسسات المالية بقدرتها الفائقة في خلق الائتمان ، أي أنها تنفرد بتزويد الاقتصاد بنوع من النقود تمثل الشكل الثاني من وسائل الدفع التي يمكن إدخالها في حيز الرصيد النقدي في اقتصاد ما والتي تستخدم لإنجاز المعاملات المختلفة .

ولابد أن ندرك أن هذه القدرة في خلق الائتمان ليست مطلقة إذ أن السياسة الائتمانية تستطيع أن تتحكم فيها زيادة أو نقصاناً مع تغير الظروف التي يمر بها الاقتصاد وذلك من خلال نسبة الاحتياطي القانوني الذي تلتزم به البنوك التجارية .

فعندما تزداد نسبة الاحتياطي تنكمش القدرة في خلق الائتمان عكس الحالة التي تنخفض فيها نسبة الاحتياطي حيث تستطيع البنوك التجارية خلق المزيد من الائتمان الذي يقدم للاقتصاد .

تنشأ عملية خلق الائتمان عن قاعدة أساسية مفادها أن أصحاب الودائع الجارية وهي وودائع يحق لصاحبها سحبها في أي وقت يشاء دون إذن مسبق من البنك ، لن يتقدموا في وقت واحد لسحب ما أودعوه في البنك التجاري ، وحتى لو تم هذا الافتراض الجدلي ، وتقدم هؤلاء المودعين بسحب ودائعهم ، فإن هناك ودائع جديدة يتقدم بها مودعين جدد مما يجعل رصيد الودائع الجارية في البنك التجاري يتسم بنوع من الثبات النسبي مما يعطي للبنك التجاري قدرة خلق ائتمان جديد ، فعملية خلق الائتمان تنشأ بسبب ثبات النسبة بين سحوبات المودعين وإيداعات مودعين جدد .

إن عملية خلق الائتمان مهمة جداً للاقتصاد ، فمن خلالها يمد الاقتصاد بنوعين من النقود لإتمام المعاملات المختلفة وهي :

  • النقود القانونية التي ينفرد بإصدارها البنك المركزي (العملة الورقية والمعدنية)

  • النقود المشتقة والتي تنشأ عن عملية خلق الائتمان التي تنفرد بها البنوك التجارية .

إن انفراد البنوك التجارية بهذه العملية تعود لسببين هما :

  • قدرة البنك التجاري في ضمان تسديد الودائع في أي وقت بسبب ما لديه من سيولة .

  • استمرار الطلب على الائتمان من قبل الأفراد وشركات الأعمال

ولكن لابد من التأكيد على أن هذه القدرة ليست مطلقة وبأنها مقيدة بمجموعة من الافتراضات هي :

  • الوعي المصرفي لدى الأفراد بحيث يؤدي ذلك إلى إقبالهم على إيداع ما لديهم من أرصدة نقدية فائضة في البنوك التجارية واعتمادهم على الشيكات في تسوية مدفوعاتهم .

  • احتفاظ البنوك التجارية باحيتاطيات نقدية إجبارية .

  • عدم وجود تسرب نقدي خارج النظام المصرفي استناداً إلى الافتراض الأول.

  • افتراض أن كل البنوك التجارية داخل الاقتصاد كأنها تعمل كمصرف واحد ضمن فروع متعددة ومنتشرة في جميع البلاد .

  • توفر الرغبة لدى البنوك التجارية في إقراض ما لديها من أموال تزيد عن مقدار الاحتياطي النقدي التي ترغب بالاحتفاظ به .

  • أن هناك طلب دائم على الائتمان .

كيف تتم عملية خلق الائتمان :

لإلقاء الضوء على كيفية قيام البنك التجاري في خلق الائتمان ، تفترض أن البنك التجاري استلم وديعة جارية من أحد المودعين بمبلغ 5,000 دولار ، وعلى وفق قاعدة القيد المزدوج في المحاسبة فإن الميزانية العمومية للبنك التجاري سوف تأخذ الشكل الآتي في لحظة الإيداع .

الميزانية العمومية للبنك التجاري

5,000 نقدية

5,000 ودائع جارية

وبما أن البنك التجاري يعمل كوسيط مالي لذلك فإنه سوف يسعى إلى استثمار أمواله  في أصول استثمارية يضمن من خلالها تحقيق عائد ، ونظراً لأن البنك التجاري ملتزم بشرط البنك المركزي بضرورة الاحتفاظ باحتياطي قانوني ضمن نسبة معينة من الودائع حماية للمودعين ، ولنفترض أن نسبة الأحتياطي القانوني تبلغ 25% من الودائع ، لذلك فإن ميزانية البنك التجاري سوف تكون بعد أن يتم الاحتفاظ بنسبة الاحتياطي القانوني ومنح الباقي على شكل ائتمان مصرفي على الشكل الآتي :

الميزانية العمومية للبنك

1,250 نقدية

3,750 ائتمان

5,000 ودائع

5,000

5,000

وبالنظر للميزانية أعلاه نلاحظ أن البنك التجاري احتفظ برصيد النقدية 1,250 إيفاء للاحتياطي القانوني ، ولذلك فإنه سوف يستخدم 3,750 دولار على شكل ائتمان مصرفي .

ومن خلال هذه العملية يكون البنك التجاري قد خلق ائتمان وساهم بزيادة كمية وسائل الدفع بمقدار 3,750 دولار .

لنفترض أن الشخص الذي حصل على الائتمان البالغ 3,750 دولار استخدمه في شراء سلعة من شخص آخر ، حيث قام هذا الشخص الثالث بإيداع المبلغ في البنك التجاري صاحب الميزانية العمومية أعلاه ( أو في بنك تجاري ثاني ) هذا يعني أن البنك التجاري سوف يحصل على وديعة جديدة بمقدار 3,750 دولار ، ويكون على استعداد لتقديم ائتمان جديد بعد خصم 25% من الوديعة الجديدة على شكل احتياطي قانوني أي أنه قادر على منح 2,812.50 دولار ائتمان جديد لأحد العملاء ولذلك فإن ميزانية البنك التجاري ( الأول ) سوف تعكس الوضع الآتي الجديد :

ميزانية البنك التجاري ( الأول )

1,250 نقدية

3,750 ائتمان

937.50 نقدية

2,812.50 ائتمان

5,000 ودائع

3,750 ودائع

8,750

8,750

ويلاحظ هنا أن البنك التجاري ( الأول ) قد ساهم في خلق ائتمان جديد مقداره 2,812.50 دولار من الوديعة الجديدة البالغة 3,750 وبعد أن استقطع البنك 25% منها كاحتياطي قانوني .