مستجدات تقرير الاستقرار المالي العالمي

مستجدات تقرير الاستقرار المالي العالمي

مستجدات تقرير الاستقرار المالي العالمي
تيسرت الأوضاع المالية، ولكن حالات الإعسار تلوح بقوة في الأفق
لمحة عن مستجدات الاستقرار المالي العالمي
•تعافت أسعار الأصول الخطرة عقب هبوطها الحاد في مطلع هذا العام، بينما حدث تراجع في أسعار الفائدة المرجعية، مما أدى إلى
تيسير الأوضاع المالية ككل .
•تحسَّن المزاج السائد في الأسواق بفعل الإجراءات السريعة والجريئة التي اتخذتها البنوك المركزية لتخفيف الضغوط السوقية الحادة،
وهو ما شمل الأسواق الصاعدة، حيث لجأ عدد من البلدان لاستخدام عمليات شراء الأصول لأول مرة، مما ساعد على تيسير
الأوضاع المالية.
•وسط ضبابية شديدة، ظهرت حالة من الانفصال بين الأسواق المالية من ناحية، وتطور الاقتصاد العيني من ناحية أخرى، وهي
نقطة ضعف يمكن أن تشكل تهديدا للتعافي إذا ما ضعف إقبال المستثمرين على المخاطرة.
•قد تتبلور مواطن ضعف أخرى في النظام المالي بسبب جائحة كوفيد – 19 . فمستويات الدين المرتفعة يمكن أن تخرج عن سيطرة
بعض المقترضين، والخسائر الناجمة عن حالات الإعسار يمكن أن تختبر صلابة البنوك في بعض البلدان .
•تواجه بعض الأسواق الصاعدة والواعدة مخاطر إعادة التمويل، ولم تعد فرص الاستعانة بتمويل السوق متاحة لبعض البلدان .
•بينما تواصل السلطات دعم الاقتصاد العيني، عليها مراقبة مواطن الضعف المالي بدقة وحماية الاستقرار المالي.
– – –  – – – – –
حدثت موجة صعود في أسعار الأسهم الخطرة على أثر الإجراءات غير المسبوقة التي اتخذتها البنوك المركزية.
فعلى مدار الشهرين الماضيين منذ صدور عدد إبريل 2020 من تقرير الاستقرار المالي العالمي، تيسرت الأوضاع المالية
العالمية إلى حد كبير عقب فترة التشديد الحاد في مطلع العام. وكان هذا التيسير مدفوعا بمزيج من الهبوط الملحوظ في أسعار
الفائدة والانتعاش القوي في تقييمات الأسواق للأصول )الشكل البياني 1 .)
وفي الاقتصادات ذات القطاعات المالية المؤثرة على النظام المالي، تعافت أسواق الأسهم إجمالاً بعد المستويات الدنيا التي
بلغتها في شهر مارس، فاستعادت، في المتوسط، حوالي 85 % من مستويات منتصف يناير، وإن كان هناك بعض التفاوت في
هذا الخصوص )الشكل البياني 2 .) 1 فبينما عوضت بعض أسواق الأسهم كل خسائرها، لا يزال البعض الآخر في مستوى أقل
بنحو 25 % مما كان عليه في منتصف يناير. وبالتوازي مع تعافي الأسعار، تَراجَع تقلب أسواق الأسهم عن الذروة التي بلغها
في مارس، وإن ظل أعلى من متوسطه طويل الأجل .
1في هذا التقرير، الاقتصادات ذات القطاعات المالية المؤثرة على النظام المالي هي الاقتصادات التي يتعين أن تمر بتقييمات الاستقرار المالي مرة كل
خمس سنوات من خلال “برامج تقييم الاستقرار المالي”، أي الاقتصادات التسعة والعشرون (S29) التالية: أستراليا، والنمسا، وبلجيكا، والبرازيل،
وكندا، والصين، والدانمرك، وفرنسا، وفنلندا، وألمانيا، ومقاطعة هونغ كونغ الصينية الإدارية الخاصة، والهند، وآيرلندا، وإيطاليا، واليابان، وكوريا،
ولكسمبرغ، والمكسيك، وهولندا، والنرويج، وبولندا، وروسيا، وسنغافورة، وإسبانيا، والسويد، وسويسرا، وتركيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة.
مستجدات تقرير الاستقرار المالي العالمي، يونيو 2020
2 صندوق النقد الدولي | يونيو 2020
وكانت إجراءات البنوك المركزية السريعة وغير المسبوقة عاملا أساسيا في تعافي الأسواق. ففي الولايات المتحدة، على
سبيل المثال، تحسنت أسعار الأصول الخطرة في 23 مارس تقريبا عقب إعلان بنك الاحتياطي الفيدرالي عن تسهيلات ائتمانية
لحقبة الأزمة )الشكل البياني 3 (. وهناك نمط مشابه يمكن رؤيته بوضوح في الأسواق المالية على نطاق أوسع.
ففي أسواق الائتمان، انخفضت فروق العائد إلى حد كبير عن مستويات الذروة السابقة، فتراجعت الزيادة المبدئية في هذه
الفروق بنسبة 70 % تقريبا، في المتوسط )الشكل البياني 4(. غير أن هناك شيئا من التباعد في مستوى فروق العائد بين التصنيفات
الائتمانية والمناطق الجغرافية. وقد حدثت طفرة في إصدار السندات بين المقترضين ذوي التصنيفات الائتمانية الأعلى، وأعادت
الأسواق فتح أبوابها لإصدارات المقترضين المصنفين في درجة المضاربة أيضا.
وحدث تحسن ملحوظ أيضا في مزاج المستثمرين تجاه اقتصادات الأسواق الصاعدة. فقد استقرت تدفقات الحافظة إلى هذه
الاقتصادات عقب خروجها بأحجام تاريخية في أوائل هذا العام )الشكل البياني 5(. غير أن المستثمرين يواصلون التمييز بين
مختلف الاقتصادات الصاعدة والواعدة، حيث يوجهون بعض التدفقات الرأسمالية إلى اقتصادات وفئات أصول مختارة. كذلك
استطاعت البلدان المصنفة في مرتبة ائتمانية أعلى أن تصدر هذا العام سندات دين بالعملة الصعبة بسرعة تاريخية حتى الآن،
متجاوزة في ذلك سرعة الاقتصادات ذات المراتب الائتمانية الأقل. ويؤكد هذا الفارق استمرار الضغوط الخارجية التي لا تزال
تواجه بعض اقتصادات الأسواق الصاعدة.
وكان هذا التعافي الواسع النطاق في الأسواق المالية مصحوبا بتفاؤل متنامٍ من جانب المستثمرين تجاه آفاق التعافي الاقتصادي
السريع. فقد تعزز مزاج الأسواق مع إعادة فتح بعض الاقتصادات وتخفيف إجراءات الإغلاق العام المصاحبة لجائحة كوفيد-
19 . وبالإضافة إلى ذلك، يبدو أن المستثمرين يتوقعون من السياسة النقدية موقفا تيسيريا غير مسبوق حتى تستمر في دعم
الاقتصاد العالمي لفترة طويلة نسبيا.
وأدت إجراءات البنوك المركزية إلى زيادة إقبال المستثمرين على المخاطرة. فقد أجرى عدد من البلدان مزيدا من الخفض
لأسعار الفائدة الأساسية ويتوقع المستثمرون أن تظل أسعار الفائدة عند مستويات بالغة الانخفاض لعدة سنوات قادمة. وتضخمت
الميزانيات العمومية للسلطات النقدية في الاقتصادات المتقدمة عقب جولات جديدة من مشتريات الأصول، ودعم السيولة في
النظام المصرفي، وإنشاء خطوط لتبادل الدولار الأمريكي، وغير ذلك من التسهيلات التي تستهدف الحفاظ على تدفق الائتمان
إلى الاقتصاد )الشكل البياني 6(. وفي هذا السياق، زاد مجموع الأصول لدى البنوك المركزية في مجموعة العشرة (G10) بما
يقارب 6 تريليونات دولار أمريكي منذ منتصف يناير، أي أكثر من ضِعْف الزيادة المشاهَدة أثناء عامَي الأزمة المالية العالمية
التي بدأت في ديسمبر 2007 ، وما يمثل قرابة 15 % من إجمالي الناتج المحلي لمجموعة العشرة.
وفي عدد من الأسواق الصاعدة، شرعت البنوك المركزية في تطبيق إجراءات نابعة من سياسات غير تقليدية تُستخدم لأول
مرة. فبدأت برامج شراء الأصول في بعض البلدان بغرض دعم السياسة النقدية، بينما كان الدافع إليها في بلدان أخرى هو دعم
السيولة في الأسواق )الشكل البياني 7 (. وتضمنت هذه البرامج عمليات شراء لأنواع من الأصول تتضمن السندات الحكومية،
والسندات المضمونة من الدولة، ودين الشركات، وسندات الدين المضمونة برهن عقاري.
وبدورها، ساعدت إجراءات سياسة المالية العامة والسياسات المالية على تعزيز المزاج السائد بين المستثمرين. فقدمت
الحكومات قدرا هائلا من الدعم الحيوي الطارئ بقيمة 11 تريليون دولار أمريكي تقريبا )كما توضح قاعدة بيانات تقرير الراصد
مستجدات تقرير الاستقرار المالي العالمي، يونيو 2020
3 صندوق النقد الدولي | يونيو 2020
المالي الصادر عن الصندوق بشأن إجراءات المالية العامة ف ي البل دان الأعضاء إزا ء جائحة كوفيد- 19 .) 2 وقامت السلطات
المالية أيضا بتعزيز ثقة الأسواق من خلال سلسلة من السياسات، بما في ذلك الضمانات الحكومية للقروض، ودعم إعادة هيكلة
القروض، وتشجيع البنوك على استخدام ما لديها من هوامش أمان رأس المال والسيولة بهدف دعم الإقراض )راجع أداة
الصندوق لتتبع سياسات البلدان الأعضاء المتعلقة بمكافحة جائحة كوفيد- 19 .) 3
ويبدو أن هذا المزيج من الدعم غير المسبوق الذي قدمته السياسات قد نجح في الحفاظ على تدفقات الائتمان. وساهمت زيادة
إقبال المستثمرين على المخاطرة في زيادة إصدارات السندات في الأسواق، كما واصلت البنوك إقراض الأموال في معظم
الاقتصادات الرئيسية .
وظهرت حالة من الانفصال بين تفاؤل الأسواق المالية وتطور الاقتصاد العالمي.
ويستند المزاج المتفائل بين المستثمرين إلى الدعم القوي الذي تقدمه السياسات في سياق الضبابية الشديدة بشأن درجة
التعافي الاقتصادي وسرعة تحققه. فيبدو أن الأسواق تتوقع تعافي النشاط بسرعة تشبه الحرف الإنجليزي “v” ، كما يتبين من
التعافي القوي في متوسط التنبؤات المجمعة لدخل الشركات المدرجة على مؤشر S&P 500 )الشكل البياني 8(. غير أن
البيانات الاقتصادية الأخيرة والمؤشرات عالية التواتر تشيران إلى هبوط أعمق من المتوقع، كما يرد بالنقاش في عدد يونيو
2020 من تقرير مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي. وبالتالي، حدث تباعد بين تسعير المخاطر في الأسواق المالية من ناحية
وآفاق الاقتصاد من ناحية أخرى، حيث يبدو أن المستثمرين يراهنون على استمرار الدعم غير المسبوق من البنوك المركزية.
ومما يمكن أن يوضح هذه المفارقة، على سبيل المثال، موجة الصعود الأخيرة في سوق الأسهم الأمريكية من ناحية، والهبوط
الشديد في ثقة المستثمرين من ناحية أخرى )الشكل البياني 9(. ويثير هذا الانفصال تساؤلات عن مدى إمكانية استدامة موجة
الصعود الحالية في أسواق الأسهم في غياب إجراءات البنوك المركزية التي تعطي دفعة لمزاج المستثمرين.
ويجلب هذا الانفصال بين الأسواق والاقتصاد العيني مخاطر حدوث تصحيح آخر لأسعار الأصول الخطرة إذا تراجع إقبال
المستثمرين على المخاطرة، مما يشكل تهديدا للتعافي. ففي أسواق الأسهم، على سبيل المثال، سبق للأسواق الهبوطية أن
شهدت موجات صعود سعري في فترات الضغط الاقتصادي الكبير، لكنها انحسرت بعد ذلك في أغلب الحالات. وفي أسواق
سندات الشركات، هناك احتواء نسبي لفروق العائد على سندات الشركات المصنفة في المرتبة الاستثمارية، على عكس الارتفاع
الحاد الذي سجلته أثناء صدمات اقتصادية كبيرة سابقة )الشكل البياني 10 .)
والواقع أن تقييمات السوق تبدو مبالغا فيها في كثير من أسواق الأسهم وسندات الشركات. فطبقا للنماذج التي وضعها خبراء
الصندوق، وصل الفرق بين أسعار السوق والقيم الأساسية المقدرة إلى مستويات مرتفعة تكاد تكون تاريخية في معظم أسواق
2 قاعدة بيانات إجراءات المالية العامة متاحة للاطلاع على الموقع الإلكتروني http://www.imf.org/en/Topics/imf-and-covid19/Fiscal-Policies-Database-in-Response-to-COVID-19.3 أداة تتبع السياسات متاحة للاطلاع على الموقع الإلكتروني https://www.imf.org/en/Topics/imf-and-covid19/Policy-Responses-to-COVID-19#top.
مستجدات تقرير الاستقرار المالي العالمي، يونيو 2020
4 صندوق النقد الدولي | يونيو 2020
الأسهم والسندات في الاقتصادات المتقدمة الرئيسية، وإن كان العكس صحيحا بالنسبة للأسهم في بعض اقتصادات الأسواق
الصاعدة )الشكل البياني 11 .) 4وهناك عدد من العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى إعادة تسعير الأصول الخطرة، وهو تطور من شأنه إضافة ضغوط مالية
للركود الاقتصادي غير المسبوق بالفعل. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يكون الركود أعمق وأطول مما يتوقع المستثمرون في
الوقت الحالي. فقد تظهر موجة ثانية من الفيروس، فتتسبب في إعادة فرض إجراءات الاحتواء من جديد. وقد يتضح أن توقعات
السوق مفرطة في التفاؤل بشأن مدى دعم البنوك المركزية للأسواق المالية ومدة استمرار هذا الدعم، مما يقود المستثمرين
لإعادة النظر في إقبالهم على المخاطرة وتسعيرهم للمخاطر. ويمكن أن يتأثر مزاج السوق بعودة التوترات التجارية، مما يضع
التعافي تحت طائلة الخطر. وأخيرا، قد يحدث تحول في مزاج المستثمرين بسبب اتساع نطاق القلاقل الاجتماعية حو ل العالم
كرد فعل لتزايد عدم المساواة الاقتصادي.
وقد تتسبب الجائحة في بلورة نقاط ضعف مالي أخرى تراكمت على مدار العقد الماضي.
أولا، في الاقتصادات المتقدمة والصاعدة على السواء، من الممكن أن تخرج أعباء ديون قطاعي الشركات والأسر عن سيطرة
بعض المقترضين في حالة الانكماش الاقتصادي الحاد. فكما ورد بالنقاش في العدد السابق من تقرير الاستقرار المالي العالمي،
استمر تصاعُد الدين الكلي للشركات على مدار عدة سنوات حتى بلغ مستويات مرتفعة تاريخية كنسبة من إجمالي الناتج المحلي.
كذلك زاد الدين في قطاع الأسر، ولا سيما في البلدان التي استطاعت الإفلات من أسوأ تأثير للأزمة المالية العالمية في العامين
2007 و 2008 . ويعني هذا أن عددا كبيرا من الاقتصادات يعاني الآن من مستويات دين مرتفعة ومن المتوقع أن يصاب بتباطؤ
اقتصادي بالغ الحدة )الشكل البياني 12 (. وبالفعل، أسفر هذا التدهور في أساسيات الاقتصاد عن وصول حالات عدم سداد
الالتزامات تجاه حملة سندات الشركات إلى معدلات هي الأسرع منذ الأزمة المالية العالمية، وهناك مخاطر تهدد باتساع نطاق
التأثير على ملاءة قطاعَي الشركات والأسر )الشكل البياني 13 .)
ثانيا، ستكون حالات الإعسار بمثابة اختبار لمدى صلابة القطاع المصرفي. فقد دخلت البنوك الأزمة وهي تتمتع بمستوى أعلى
من هوامش أمان السيولة ورأس المال نتيجة لإصلاحات ما بعد الأزمة، ويمكنها السحب من هوامش الأمان تلك لدعم الإقراض
واستيعاب الخسائر. وبدأت بعض البنوك بالفعل في رصد مخصصات أكبر للخسائر المتوقعة على قروضها، كما يتضح من
تقارير الدخل التي أصدرتها عن الربع الأول من العام. ومن المرجح أن يستمر ذلك ما دامت البنوك مستمرة في تقييم قدرة
المقترضين على سداد قروضها، مع القيام في الوقت نفسه باحتساب الدعم الذي تقدمه الحكومات للأسر والشركات. 5 ويتضح
4 التقييمات الأساسية المقدرة حسب النماذج قد لا تعكس بالكامل إجراءات السياسات المالية غير المسبوقة التي تم اتخاذها في الشهور الأخيرة، بما في
ذلك شراء البنوك المركزية للأصول وتسهيلاتها الرامية إلى الحفاظ على تدفق الائتمان إلى الاقتصاد، وكذلك ضمانات القروض التي قدمتها بعض
الحكومات. ويمكن الاطلاع على مزيد من المعلومات عن النماذج في مرفق عدد أكتوبر 2019 من “تقرير الاستقرار المالي العالمي” المنشور على
شبكة الإنترنت في:
https://www.imf.org/~/media/Files/Publications/GFSR/2019/October/English/onlineannex11.ashx?la=en .
5تم تقديم هذا الدعم بطرق مختلفة، بما في ذلك من خلال قروض الولايات، وضمانات القروض العامة، وإعادة هيكلة شروط القروض، وتأجيل مدفوعات
السداد.
مستجدات تقرير الاستقرار المالي العالمي، يونيو 2020
5 صندوق النقد الدولي | يونيو 2020
من تنبؤات المحللين لربحية البنوك أن هناك زيادة متوقعة في الضغوط التي تتعرض لها البنوك، مع انخفاض أسعار الفائدة
)الشكل البياني 14 .)
ثالثا، قد تقع الشركات المالية غير المصرفية والأسواق تحت وطأة المزيد من الضغوط. وتشير أحداث شهر مارس، التي
استفادت فيها شركات الوساطة المالية غير المصرفية من الدعم الكبير الذي قدمته السياسات، إلى أنها معرضة لعمليات تصحيحية
تتماشى مع الاتجاهات الدورية إذا وقعت صدمة خارجية. وقد زاد دور هذه الشركات حاليا في النظام المصرفي، كما يرد
بالنقاش في عدد إبريل 2020 من تقرير الاستقرار المالي العالمي، ولم يُختَبر بعد سلوك هذا القطاع المتنامي أثناء فترات الهبوط
العميق. كذلك تواجه الشركات المالية المصرفية مخاطر التعرض لصدمات إذ ا ما حدثت موجة من حالات الإعسار. ومن الممكن
أيضا أن تصبح هذه الشركات عاملا مُض خما للضغوط. فعلى سبيل المثال، قد يؤدي وقوع صدمة كبيرة في أسعار الأصول إلى
زيادة التدفقات الخارجة من صناديق الاستثمار، فيؤدي هذا بدوره إلى موجة من البيع الاضطراري البخس من جانب مديري
هذه الاستثمارات، مما يفاقم ضغوط السوق.
رابعا، تواجه بعض الأسواق الصاعدة والواعدة متطلبات كبيرة لإعادة التمويل من مصادر خارجية. وفي الظروف الحالية ،
زادت احتمالية أن تضطر الاقتصادات التي تحتاج لإعادة تمويل المزيد من الديون إلى تحمل تكلفة أعلى مقابل تجديد ديونها.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن مستوى كفاية الاحتياطيات منخفض نسبيا في بعض هذه الاقتصادات )الشكل البياني 15 (. ومن شأن
هذا أن يجعل من الأصعب على السلطات المختصة فيها أن تتخذ إجراءات لمواجهة خروج المزيد من تدفقات الحافظة، و لا
سيما إذا كان نظام سعر الصرف المطبق يفتقر إلى المرونة. ومن الممكن أن يؤدي تخفيض المراتب الائتمانية إلى فرض ضغوط
إضافية على تكاليف التمويل وتدفقات رأس المال. فحتى الآن في العام الحالي، تم تخفيض التصنيف الائتماني لأكثر من ثلث
الاقتصادات المصدرة للنفط التي تغطيها هيئات التصنيف الائتماني الرئيسية، مقارنة بتخفيض التصنيف الائتماني لحوالي ربع
الاقتصادات الأخرى )الشكل البياني 16 .)
وتحتاج السلطات إلى تحقيق التوازن الصحيح في استجابة سياساتها للجائحة.
ففي بيئة تطرح خيارات صعبة أمام السياسات، ينبغي أن تستمر السلطات في دعم التعافي مع ضمان سلامة المؤسسات
المالية والحفاظ على الاستقرار المالي، على النحو الذي يبرزه الإطار أدناه تحت عنوان “أولويات السياسات المالي ة في مواجهة
الأزمة”. وعلى السلطات ألا تغفل عن آثار المخاطر الناجمة عن الدعم والتي تمتد لفترات زمنية متعددة. ولا شك أن الاستخدام
غير المسبوق للأدوات غير التقليدية قد نجح في تخفيف أثر الجائحة على الاقتصاد العالمي وقلل من الخطر الفوري الذي تعرض
له النظام المالي العالمي. غير أنه يتعين توخي الحذر حتى لا يزداد تراكم مواطن الضعف في ظل تيسير الأوضاع المالية.
وبمجرد أن يستقر التعافي على مسار راسخ، ينبغي أن يعجل صناع السياسات بمعالجة مواطن الهشاشة التي من شأنها غرس
بذور المشكلات المستقبلية وتعريض النمو للخطر على المدى المتوسط.
لمشاهدة الأشكال البيانية، يُرجى مراجعة النسخة الإنجليزية. 6
6النسخة الإنجليزية متاحة على الموقع الإلكتروني: https://www.imf.org/en/Publications/GFSR/Issues/2020/06/25/global-financial-stability-report-june-2020-update
مستجدات تقرير الاستقرار المالي العالمي، يونيو 2020
6 صندوق النقد الدولي | يونيو 2020
أولويات السياسات المالية في مواجهة الأزم ة
ينبغي أن تحافظ البنوك المركزية على موقف السياسة النقدية التيسيري عند تنفيذ المهام المنوطة بها تجاه التضخم والاستقرار المالي،
باستخدام الأدوات التقليدية وغير التقليدية ما دام ذلك مطلوبا لدعم تدفق الائتمان إلى قطاعي الأُسر والشركات. وينبغي لها أيضا أن
تستمر في توفير السيولة لتجنب الإضرار بأوضاع التمويل وسير العمل في الأسواق الأساسية للقروض، والنقد الأجنبي، والأوراق
المالية. وفي الوقت نفسه، على البنوك المركزية أن تجري تقييما دقيقا لتحديد الأسواق التي تكتسب أهمية في الحفاظ على الاستقرار
المالي، وأن تُصَ مم برامج دعم تحد من تعرضها هي نفسها للخطر المعنوي والمخاطر المختلفة.
وينبغي للسلطات في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية أن تستخدم أسعار الصرف بمرونة لامتصاص الضغوط
الخارجية، حيثما أمكن ذلك. وبالنسبة للبلدان التي تتمتع باحتياطيات كافية، يمكن أن يؤدي التدخل في سعر الصرف إلى مقاومة نق ص
السيولة في السوق والمساهمة في كبح التقلب المفرط في أسواق العملات. وفي مواجهة الأزمات الوشيكة، يمكن أن تكون إجراءات
إدارة تدفقات رأس المال الخارجة جزءا من حزمة سياسات أوسع نطاقا، وإن كان ينبغي تنفيذ مثل هذه الإجراءات بشفافية وعلى أساس
مؤقت بحيث يتم التخلي عنها بمجرد انحسار ظروف الأزمة. وفي السياق نفسه، ينبغي أن يضع مديرو الديون السيادية خططا للطوارئ
تكفل التعامل الفعال مع محدودية فرص النفاذ إلى أسواق التمويل الخارجية لفترة طويلة.
وينبغي استخدام ما تملكه البنوك من هوامش أمان احترازية كلية رأسمالية وسائلة لاستيعاب الخسائر وإدارة مشكلات السيولة والمساعدة
في دعم الإقراض الموجه للاقتصاد. فعلى البنوك أن توقف دفع توزيعات الأرباح وعمليات إعادة شراء الأسهم ما دامت الأزمة قائمة ،
للمساعدة ف ي دعم هوامش أمان رأس المال. وفي الحالات التي تواجه فيها البنو ك صدمات كبيرة وطويلة الأمد، وتتأثر فيها مستويات
كفاية رأس المال، ينبغي أن تتخذ أجهزة الرقابة المصرفية إجراءات موجهة، ومنها أن تطلب إلى البنوك تقديم خطط ذات مصداقية
لتعويض رأس المال. وطوال هذه العملية، سيكون من المهم مراعاة الإفصاح عن المخاطر بشفافية وتقديم إرشادات واضحة من الأجهزة
الرقابية.
وقد تحتا ج الأجهزة التنظيمية المشرفة على شركات التأمين في البلدان التي تواجه فترات من الضغط السوقي الحاد إلى استخدام حيز
المرونة المتضمن في القواعد التنظيمية، بأن تقوم، على سبيل المثال، بتمديد فترة التعافي المسموح بها لشركات التأمين المتضررة. غير
أن الأجهزة الرقابية ينبغي أن تتجنب تخفيض معاييرها، وعليها أن تطلب إلى شركات التأمين إعداد خطط ذات مصداقية لضمان قدرتها
على استعادة ملاءتها مع الاستمرار في تقديم التغطية اللازمة للمؤَمَّن عليهم.
ويتعين على مديري الأصول أن يحرصوا باستمرار على تطبيق أطر إدارة مخاطر السيولة بصورة قوية وفعالة. وعلى الأجهزة التنظيمية
أن تدعم توافُر مجموعة واسعة من أدوات إدارة السيولة وأن تشجع مديري الصناديق الاستثمارية على الاستفادة من كل الأدوات المتاحة
حيثما كانت في مصلحة أصحاب وحدات الاستثمار. أما هيئات وضع المعايير فعليها إعادة النظر في الإطار الاحترازي الكلي الذي
يحكم عمل مديري الأصول .
ومن الضروري وجو د تعاون متعدد الأطراف لحماية النظام المالي العالمي. فقد يتطلب الأمر تقديم خطوط تباد ل ثنائية أو متعددة
الأطراف لنطاق أوسع من البلدان من أجل تخفيف ضغوط التمويل بالعملات الأجنبية. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي تجنب أي تراجع عن
التنظيم الدولي للنظام المالي أو تفتيت هذا النظام من خلال إجراءات محلية من شأنها تقويض المعايير الدولية .

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *