ادوات التحليل الاقتصادي

  • أساليب/ أدوات التحليل الاقتصادي ( الدراسة و ضع نظريات عامة ):

          إن اتباع المناهج العلمية العامة في التحليل الاقتصادي يقتضي البحث عن أكثر الأساليب ملاءمة في حقل الدراسات الاقتصادية. ويُفرّق في هذا المجال بين الأسلوب الرياضي الذي يعتمد على المنهج الاستنباطي، والأسلوبين التاريخي والإحصائي اللذين يعتمدان على الاستنباط والاستقراء معاً.

          و ما نلاحظه أن مناهج البحث المختلفة المستخدمة في الاقتصـاد نشأت في حقــول معرفة مختلفة، و الباحثين الاقتصاديين قاموا بالتوفيق بينها و بين طبيعة عملهم.

  • المنهج الرياضي ( استنباطي / تجريدي، نظري):

  • مع بدايات التحليل الاقتصادي اعتمد الدارسون على التحليل العقلي التجريدي (العقل هو المصدر الوحيد و اليقيني للمعرفة – العقلانية-).

  • تعد الرياضيات علماً تجريديا عاماً يهتم بدراسة العلاقة بين الكميات المتغيرة.

  • يستخدم لفظ ” دالة ” للتعبير عن هذه العلاقات بين مختلف المتغيرات.

  • و إذا بحثنا العلاقات الاقتصادية و جدنا أنها تقبل التعبير عنها في صيغة ” دالة ” تعبر عن العلاقات التبادلية بين المتغيرات و ليس السببية ( يمكن أن يحدد المتغير (أ) المتغير (ب) دون أن يكون الأول سببا في وقوع الثاني)، و من هنا يصبح من الممكن استخدام الرياضيات في الدراسة الاقتصادية.

  • و لقد رأى ” قلراس” أن الاقتصاد يجب أن يكون رياضيا، لأنه يهتم بالكميات.

  • فالرياضيات إذن تقدم أسلوباً للبحث يتفق وطبيعة علم الاقتصاد، ويتصف الأسلوب الرياضي برأي “جيتان بيرو” بثلاث صفات هي:

  • استخلاص أوسع النتائج من المقدمات.

  • السرعة، لأن الرياضيات تسمح بالتعبير برموز بسيطة عما لا يمكن التعبير عنه في اللغة العادية إلا بجمل طويلة.

  • الدقة في التعبير وتجنب التشويش، فالتحليل الرياضي يحل محل اللغة العادية في البحث عن العلاقات التبادلية بين المتغيرات الاقتصادية.

  • نظرا لأهمية التحليل الرياضي في الدراسات الاقتصادية، ظهر تخصص فرعي ضمن علم الاقتصاد ليعبر عن هذا الارتباط الوثيق بين الرياضيات و الاقتصاد، الاقتصاد الرياضي.

  • لكن بالرغم من الدقة التي يحققها التحليل الرياضي في الدراسات الاقتصادية، إلا أنه يسقط عنصر الزمن و علاقات السببية، رغم ما لها من أهمية في الحياة الاقتصادية.

  • المنهج التاريخي ( استقرائي/استنباطي):

  • يقتضي استخدام الأسلوب التاريخي تجميع و استقراء الحوادث والوقائع الاقتصادية التي حدثت في الماضي، وذلك من الكتب والوثائق التاريخية المتوافرة، بعد التحقق من صحتها، لضمان صحة النتائج التي يتم التوصل إليها. ثم تأتي مرحلة وصف الوقائع وتفسيرها، أي معرفة ما كان منها سبباً وما كان نتيجة له، ومعرفة العناصر المتكررة وغير المتكررة ودرجة انتظام تكرارها، وأخيراً يقوم المؤرخ بالكشف عن القوانين الثابتة و المتكررة التي كانت تحكم العلاقات بين مختلف الظواهر الاقتصادية.

  • فالتاريخ بهذا أصبح أداة للتحليل تفيد في معرفة ما كان، وفي تفسير ما هو كائن، وفي توقع ما سيكون في المستقبل، أي تحديد القوانين التي تحكم تطور الشعوب و الظواهر الاقتصادية (كشف قوانين تطور الشعوب).

  • وتجدر الإشارة هنا إلى ضرورة أخذ التاريخ بمعنى واسع والتفريق بين تاريخ النظريات الاقتصادية (تاريخ علم الاقتصاد)، وتاريخ الوقائع و الفعاليات الاقتصادية.

  • ويعود هذا الازدواج في تاريخ الدراسات الاقتصادية إلى طبيعة الظواهر الاقتصادية نفسها، إذ إنها تختلف عن الظواهر الطبيعية. فالظواهر الطبيعية لا تتغير، لذلك نحتاج إلى دراسة تاريخ العلم ولا نحتاج إلى دراسة تاريخ الظاهرة الطبيعية لعدم تغيرها. أما الظواهر الاقتصادية ـ وكذلك الظواهر الاجتماعية عموماً ـ فإنها قابلة للتغير، ولذلك فإنه من المفيد دراسة تاريخ العلم مستقلاً عن تاريخ الوقائع.

  • و نشير في هذا السياق بأن تاريخ الوقائع يعد للباحث الاقتصادي، بمنزلة التجارب المخبرية التي يقوم بها الباحث في أثناء دراسته للظواهر الطبيعية.

  • كما أن دراسة تاريخ النظريات الاقتصادية يتوقف فهمه على دراسة تاريخ الوقائع الاقتصادية، بحيث يرتبط مضمون كل نظرية بالواقع الاقتصادي الذي عايشه الباحث و عمل على تفسيره و صياغة قوانين علمية تفسر أسبابه.

  • يساهم التحليل التاريخي في الوصول إلى معرفة قوانين التطور التي حكمت المجتمعات البشرية و حددت سلوكياتها على مختلف المستويات الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية.