منظمة عالمية للبيئة

جـ. منظمة عالمية للبيئة

التفاوض على الأولويات. إذا كانت ندوة ريو قد سمحت بالتعرف على المجال العام للممتلكات المشتركة والتنمية المستديمة، فإن مهمة تحديد و ترتيب الأولويات ترجع إلى مفاوضي مختلف الهيئات الدولية. لا يوجد أفضلية معلنة تسمح باختيار الممتلكات الجماعية الدولية التي تكون موضوع عمل متفق عليه.

إن هذا الاختيار موضوع مفاوضات وإجراءات لاكتساب المشروعية في إطار تنافسي. إن الأفضلية المعطاة للمفاوضات حول التغير المناخي بالنسبة لقضايا بيئية أخرى تشكل إحدى الأمثلة.

نقائص الحكامة الشاملة. إن المشاكل التي تواجه  الدول في رسم سياساتها الوطنية يمكن أن تنطلق على  المستوى الدولي، باستثناء ما نلاحظه من نقص في الحكامة  العالمية للتنمية المستديمة إذ نرى أن هناك تعزيزا لكفاءة المنظمات الدولية ذات المسؤليات المتنوعة بخصوص التنمية المستديمة، غير أن كفاءة هذه المؤسسات في تنسيق الأجهزة التنظيمية والاقتصادية التي تعرف اتسعا باستمرار، نراها تتدعم كلما كانت هناك قضايا جديدة تتطلب معالجة دولية. إن مكونات التنمية المستديمة، كممتلكات دولية مشتركة، ليست إذن محددة من طرف هيأة ديمقراطية دولية شبيهة للحكومة. مع ذلك فإنه في مجالات أخرى مثل المالية و التجارة تشكل بعض الجوانب، التي و صلت إلى مصاف الممتلكات العالمية الجماعية، موضوع حكامة  دولية أكيد، رغم مؤاخذته على أنه غير ديمقراطي.

هل يمكن إعادة إنتاج ما سبق إعداده منذ 40 سنة لصالح حرية المبادلات، بإنشاء الـ GATT  و المنظمة العالمية للتجارة، من أجل النضال ضد الفقر و تدهور  الأنظمة البيئية؟

هيأة فوقية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة أو توزيع فرق الخبراء؟ إن إقامة الـمعايير البيئية العالمية التي تسمح برفع التحدي في مجال حكامة الذي تطرحها القواعد التجارية العالمية والضغوطات التنافسية تثير اهتماما متزايدا. إن إنشاء هيئة وحيدة متعددة الأطراف و التي تتكفل بالمسائل العالمية المرتبطة بالبيئة والتنمية المستديمة يمكن لها أن تسمح احتمالا بتجميع جزء من هذه الأنشطة. كان هذا الإقتراح محل نقاش عالمي حاد منذ عدة سنوات. من جهة طالبت عدة حكومات من أجل  أن يلعب برنامج الأمم المتحدة للبيئة  (PNUE)   دورا فعالا في تنسيق الاتفاقيات المتعددة الأطراف للبيئة على الأقل تلك التي تأوي الأمانات، و تطالب بإنشاء منظمة عالمية للبيئية، حيث يكون فيها برنامج الأمم المتحدة للبيئة هو عنصرها الجنيني، يمكنه أيضا أن يلعب دورا مساندا للإستراتيجيات الوطنية للتنمية المستديمة و في تنسيق الأدوات الإقتصادية و المالية. و من جهة أخرى، فإن بعض الحكومات والمنظمات مثل (منظمة التعاون و التنمية الإقتصادية   (OCDE)  تحبذ تدعيم الخبرة البيئية في الهيئات حيث تعتبر فيها البيئة ليست هي الهدف المركزي، مع زيادة الدعم المالي الكفيل بالإبقاء على الأنشطة البيئية قوية مثل برنامج الأمم المتحدة للبيئة (PNUE). سيكون لهذا الأخير دور في تحليل سير الأنظمة البيئية وانعكاسات الأنشطة الإقتصادية بغية إعداد  المعايير.

تحسين المؤسسات الدولية للتنمية المستديمة

 .1. منح سلطة علمية.إن استخدام أدوات التنمية المستديمة يتطلب إجماعا علميا. الأمر يتعلق بمواجهة الطوارىء والتعامل معها. و هذا هو المقصود من إنشاء فريق من خبراء المناخ ما بين الدول، مكون من عدد من العلماء، و الذي لا يمكن تصور وجود اتفاق إطار حول التغيرات المناخية بدونه. و هناك جملة من الاتفاقيات المتعددة الأطراف، لا سيما الإتفاقية المتعلقة بالتعدد البيولوجي، يمكنها أن تستلهم من مثل هذه الإجراءات للحصول على إجماع واسع حول المسائل محل خلافات مثل مخاطر انتشار المورثات المرتبطة بالأعضاء المعدلة وراثيا  . (OGM)

 .2. تنسيق استعمال الأدوات الإقتصادية و المالية. أصبح تطبيق الاتفاقيات المتعلقة بالبيئة يحتاج أكثر فأكثر إلى الاستعانة بالأدوات الجبائية و الإقتصادية. و يمكن، دون شك تدعيم فعالية هذه الأدوات إذا ما كانت المؤسسات الملتزمة بها تتبادل الخبرات والتجارب فيما بينها. كان ذلك هو جوهر اقتراح برنامج الأمم المتحدة للبيئة (PNUE) ، وهو مشروع إنشاء فريق بين الحكومات حول استعمال الأدوات الإقتصادية للاتفاقيات الذي لم يحظ، مع الأسف، باهتمام المجموعة الدولية.

 .3. إدماج القطاع الخاص و المجتمع المدني. لقد أحرز تقدم ملحوظ في إشراك المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص في العملية الدولية لاتخاذ القرار. غير أن المنظمات غير الحكومية لازالت تشكو من نقائص ديمقراطية، مثل ما هو الحال في الطعن القانوني. إن فكرة إعطاء دور مركزي لـمحكمة العدل الدولية عن طريق إنشاء غرفة بيئية لم تتكلل بالنجاح. هناك اقتراحات تتعلق بإنشاء وظيفة الوساطة الدولية للبيئة، التي يمكن أن تتيح للمنظمات غير الحكومية التدخل لحمل الدول على تطبيق الاتفاقية المعددة الأطراف ((AME . وأخيرا، هناك اقتراح أخير يتعلق بإنشاء شبكات دولية للكفاءة وعلى عدد محدود من الرهانات ذات الأهمية الشاملة، التي تعمل على إشراك كل من ممثلي المجتمع المدني، القطاع الخاص والحكومات. إن من شأن هذه الشبكات المتقاطعة أن تزيل الجمود عن المؤسسات.

  1. المنظمات غير الحكومية (ONG) كوسيط للطلب الإجتماعي

القاطرات. تاريخيا، ظهر الطلب الإجتماعي على التنمية مع ظهور كبريات المنظمات غير الحكومية ذات الصيت الإعلامي الكبير مثل “السلام الأخضر” (GRENNPACE) ، الصندوق الدولي للطبيعية (WWF) أو “أصدقاء الأرض”  (EARTH FRIENDS OF) . لقد أدركت هذه المنظمات مدى هشاشة توازن البيئات الطبيعية، و عملت أحيانا بوسائل مثيرة. حاولت مؤخرا تعديل قواعد العمل الدولية الجاري العمل بها من لدن الدول و المؤسسات الدولية. شكلت كبريات هذه المنظمات غير الحكومية جماعة ضغط لا يستهان بها، و كمثال على ذلك، فإن الصندوق الدولي للطبيعة يضم مليون فردا من أعضائه، و هذا فقط في الولايات المتحدة الأمريكية، ناهيك عن 4,7 مليون من أعضائه الـموزعين على مئات من البلدان.

حسب تقدير الأخصائيين. لقد أنشئت العديد من المنظمات غير الحكومية القطاعية منها و المحلية بجانب تلك المنظمات ذات الوزن الثقيل… و صارت تلعب حاليا دورا محددا في تشكيل وعي بيئي في الحكامة الدولية للتنمية المستديمة. البعض من هذه المنظمات،وإن كان غير معروف إعلاميا، فإنه أنجز عملا هاما في مجال التحسيس والتوعية حول مشاكل البيئية وساهم مساهمة فعالة في إعداد و متابعة كبريات الندوات الدولية. وكمثال على ذلك، شبكة عمل المناخ (RAC) تتابع عن قرب تنفيذ إجراءات بروتوكول طوكيو حول التغير المناخي و تقدم تحاليل من أجل اتخاذ الإجراءات الممكنة للكفاح ضد الاحتباس الحراري آليات اقتصادية ومالية…) وبصفة عامة، فإن اندماج مجتمع مدني منظم ضمن السلطة الدولية يدل على ثلاث تطورات جوهرية.

احترافية المنظمات غير الحكومية.لم تعد المنظمات غير الحكومية ترتكز فقط على قوتها التجنيدية على الصعيد الدولي، بل أيضا على قدرتها على التحليل و التفكير والاقتراح الذي ازدادت أهميته بعد مؤتمر “ريو”. بعدما كانت في السابق مهمتها تنحصر على برامج المحافظة على الطبيعة، صارت تميل، و منذ سنوات، للاستثمار في كبريات المسائل السياسية والإقتصادية للتنمية المستديمة. إن الصندوق الدولي للطبيعة مثلا، يتوفر على وحدة للتجارة والاستثمارات. هناك العديد من المنظمات غير الحكومية على هيأة شبكات أفقية في ميدان الخبرة، مثل “المركز العالمي لقانون البيئة و التنمية” (CIEL)   والمؤسسة من اجل التنمية للدولة و القانون ((FIELD المختصة في ميدان القانون الدولي للبيئة و التي تقدم خبرة ذات مستوى عالي، مثل إدراج قواعد البيئة في المنظمة العالمية للتجارة.

الاعتراف المؤسساتي. لقد باتت قواعد سير المؤسسات الدولية منفتحة على المنظمات غير الحكومية. و هكذا، فإن الأمم المتحدة أعطت للمئات من هذه المنظمات مكانة المراقب في النقاش الدولي.. لكن ما يلاحظ بالخصوص هو الانفتاح التدريجي لكبريات المنظمات الإقتصادية الدولية على المجتمع المدني. و من أجل تدعيم الحوار، قام عدد من هذه المنظمات بإنشاء منظمات غير حكومية، مثل المركز العالمي للتجارة و التنمية المستديمة يترأسها مدير سابق لبرامج الاتحاد الدولي للمحافظة على الطبيعة (UICN) ، الذي يقوم بتنسيق تبادل المعلومات بين المنظمات غير الحكومية والمنظمة العالمية للتجارة.

مواقف أكثر تباينا: صارت مواقف المنظمات غير الحكومية أكثر دقة اليوم عما كانت عليه في العشرية السابقة. انتقلت هذه المنظمات من موقف اتسم بالطابع الاحتجاجي الـمحض إلى موقف فعال، خصوصا داخل المنتظم الأممي الذي نسجت معه علاقات متينة منذ ندوة ستكهولم. الأمر لم يعد يتعلق بإدانة و رفض العولمة والتلوث… إلخ، بقدر ما يتعلق باقتراح حلول مقبولة والبحث عن تسوية بالتراضي و إيجاد أرضية للتفاهم والدفاع عن المبادئ الأخلاقية   في حل المعضلات الدولية. على الرغم من أن المنظمات غير الحكومية لا زالت تعبر عن عدائها للنهج الليبيرالي الذي تدافع عنه المؤسسات الإقتصادية الدولية، إلا أنها لم تعد متغافلة عن التطورات الجوهرية للعولـمة. لم يبق إلا عدد قليل من هذه المنظمات غير الحكومية تطالب، بصفة جذرية، بحذف الهيئات مثل سحب دول أعضاء في المنظمة العالمية للتجارة (OMC) . و على وجه العموم، فإن الاتجاه العام للمنظمات غير الحكومية يسير في اتجاه وضع قواعد دولية تؤمنها من الانحراف أكثر من تبني استراتيجيات التراجع الوطني.

أحزاب الخضر. تجدر الإشارة أيضا إلى ظهور التشكيلات السياسية المطالبة ليس فقط بالدفاع عن البيئة لكن أيضا بتطبيق السياسات العمومية المستلهمة من التنمية المستديمة، بعدما جرى إنشاؤها أولا في الدول الأوروبية، تؤول حاليا إلى التواجد والانتشار في دول الجنوب، وتعمل على نشر الوعي بالمشاكل و التجنيد لصالح المحافظة على البيئة. و على غرار المنظمات غير الحكومية، فإن أغلبية أحزاب الخضر انتقلت من إدانة النظام الرأسمالي إلى مواقف أكثر إصلاحية، البعض منها أبدى موافقته في أن يكون ممثلا في حضيرة الحكومات.

النقابات. وأخيرا، أصبحت هناك نقابات العمال طرفا في ترجمة الطلب الإجتماعي للبيئة على المستوى السياسي. ويشكل ذلك دعما هاما، لأنها تخلق صلة مع عالم الشغل والمؤسسة، مساهمة بذلك في نشر مبادئ التنمية المستديمة باتجاه مجالات جديدة. وتشكل في هذا الصدد معاهدة مارس 1992 للكونفيدرالية الدولية للنقابات الحرة لصالح أهداف التنمية والبيئة مرحلة هامة لهذه الحركة.

وزن لاجدال فيه. إن جملة مكونات  المجتمع المدني هذه تلعب دائما دورا متزايدا في إدانة المشاكل البيئية و الانضمام إلى البرامج الوطنية و الدولية. و بات هذا الوزن بارزا في عدد من ندوات الأمم المتحدة، كما بات أيضا عاملا جوهريا في كبريات الخيارات و التوجهات الإقتصادية الدولية، كما أمكن ذلك ملاحظته في فشل مشروع الاتفاق المتعدد الأطراف حول الاستثمار  (AMI) في بداية سنة 1998.

  1. المؤسسات بين الربح و المواطنة

شركاء ضروريون. أصبحت المؤسسات اليوم من الشركاء الأساسيين لكل من الأطراف الحكومية منها و غير الحكومية. إن أي تنمية مستديمة مبنية على نمو اقتصادي منصف ومسؤول يحتاج إلى تعاون الشركات. لا يمكن أن يكتب النجاح لأي سياسة بيئية، ولا لأي مشروع اقتصادي يتسم بالعدالة و الإنصاف من غير مشاركتها. لقد أبدى عدد من هذه المؤسسات في السنوات الأخيرة هذه اهتماما بقضايا التنمية المستديمة. وقد تشكلت في هذا الصدد شبكات وطنية ودولية من المؤسسات شاركت في الندوات الدولية حول البيئة… إن هذا الشغف في المشاركة يمكن تفسيره بوجود إرادة لـمـمارسة ضغط قوي تجاه السلطات العمومية للحفاظ على المصالح الإقتصادية. وإذا كانت بعض هذه الشركات معادية أساسا لسياسات التنمية المستديمة، فإن البعض منها يرى فيها إمكانية جديدة  للنمو..

معسكران. ترى بعض المؤسسات في السياسات الوطنية والدولية للتنمية المستديمة عائقا في وجه حريتها للاستثمار والابتكار و بالتالي للتنمية. إن هذا التخوف بات حقيقيا خصوصا في قطاعات ينعدم اليقين العلمي فيها حول المخاطر البيئوية لبعض الأنشطة أضحى كبيرا، خاصة في المجال التكنولوجيات الحيوية أو الصناعات النووية. وعلى العكس من ذلك، ترى مؤسسات أخرى أن الشغف العام حول التنمية المستديمة  يحمل معه انفتاح أسواق جديدة. وبتطويرها للإستراتيجيات الخضراء، تحاول هذه المؤسسات أن تحتل مواقع فروع خاصة للاستهلاك والحصول على مزايا تنافسية ضرورية لنموها… وضمن هذا الخيار، تحاول أن تقيم تحالفات مع المنظمات غير الحكومية، ولا سيما في إطار تطبيق الاتفاقيات الطوعية (اقتصادية، قواعد السلوك). و هكذا نجد تحالف كل من “الصندوق الدولي للطبيعة” و”أنيلفر” (Unilever) لإنشاء ما يعرف بـ ((Marine steward ship Concil، الهيئة التي تستهدف ترقية التسيير المستديم للصيد البحري بواسطة ما يعرف بـالإشهاد الإيكولوجي.

عمل الغرفة الدولية للتجارة. و في ظل هذا الخيار أيضا تقوم الغرفة الدولية للتجارة (CCI) منذ 1971 بتنشيط شبكة من المؤسسات و تشارك في الندوات الدولية حول البيئة. وهناك تكتل مؤسسات أخرى كانت قد تبنت نهجا مماثلا، مثل المجلس العالمي للتجارة للتنمية المستديمة  World Business Concil for sustainable Development  الذي تبنى جزءا من بيان “ريو” وحث أعضاءه على تطبيقه. حددت الغرفة الدولية للتجارة منذ 1993 برنامج عمل في خمس نقاط:

o        ترقية السياسات البيئوية المتوافقة مع الإبقاء على نظام تجاري متعدد الأطراف و مفتوحا.

o   الإعلان عن انطلاق حملة دولية لتحفيز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للعالم كله للانضمام إلى ميثاق الغرفة الدولية للتجارة من أجل البيئة و التنمية.

o   تدعيم و تقوية العمل التقليدي للغرفة الدولية للتجارة من أجل التنظيم الاحترافي الذاتي، خاصة عن طريق وضع قواعد السلوك حول المبادلات الدولية للنفايات السامة والتأمين على المخاطر الصناعية.

o        وضع برامج التكوين في ميدان البيئة لصالح المؤسسات.

o        ترقية اتفاقيات التعاون التقني في ميدان البيئة بين مؤسسات الدول الصناعية و الدول السائرة في طريق النمو.

التزام القطاع الخاص بالعمل لصالح التنمية المستديمة.

o   1971 بيان الغرفة الدولية للتجارة الذي يشير فيه إلى “أن حماية البيئة ستكون واحدة من تحديات جميع الدول في العشريات الأخيرة للقرن العشرين”.

o        1972 شاركت الغرفة الدولية للتجارة في ندوة ستوكهولم.

o        1974 أعلنت الغرفة الدولية للتجارة عن المبادئ التوجيهية لتطبيق معاهدات 1971.

o   1984 Wicem 1  : انعقاد الندوة الأول للصناعة والبيئة بمبادرة من الغرفة الدولية للتجارة و برنامج الأمم المتحدة للتنمية (Pnud) .